قال المدير العام لمنظمة العمل الدولية غيلبرت هونغبو اليوم الخميس إن الأزمات الجيوسياسية وتغير المناخ ومشكلات سداد الديون المتصاعدة تفرض ضغوطا كبيرة على أسواق العمل العالمية وتزيد من تباطؤ التعافي الاقتصادي على الصعيد العالمي مطالبا بالتحرك العاجل لمعالجة هذه التحديات.وأضاف هونغبو في رد على سؤال لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) حول تأثير الحروب في المنطقة خلال لقاء صحفي عقده في جنيف لعرض تقرير جديد صادر عن المنظمة تحت عنوان (التوظيف والتوقعات الاجتماعية العالمية: اتجاهات 2025) أن تأثير النزاعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا على أسواق العمل المحلية والإقليمية هي الأكبر.وأعرب هونغبو في هذا السياق عن أمله في أن يشكل إيقاف إطلاق النار في قطاع غزة خطوة نحو سلام دائم إلى جانب تحقيق اتفاق مشابه في كل من أوكرانيا والسودان واليمن.وأشار إلى أن الأزمات في المنطقة لم تساهم في تعطيل الاقتصادات فحسب بل جعلت من الصعب للغاية جمع بيانات موثوقة ما أثر على فهم مدى تأثيراتها الحقيقة والضرر الذي ألحقته بأسواق العمل.وذكر التقرير الصادر عن المنظمة أن الاقتصاد العالمي سجل تباطؤا في معدل النمو ليصل إلى نسبة 2ر3 في المئة في عام 2024 مقابل 3ر3 في المئة عام 2023 و6ر3 في المئة عام 2022 متوقعا أيضا استمرار نسق التباطؤ خلال هذه السنة.وأوضح التقرير أنه رغم انخفاض التضخم عالميا إلا أنه لا يزال مرتفعا ما يقلل من قيمة الأجور مبينا أن الزيادة في الأجور الحقيقية تقتصر على بعض الاقتصادات المتقدمة فحسب إذ لا تزال معظم الدول تتعافى من آثار جائحة فيروس (كورونا المستجد - كوفيد 19) وضغوط التضخم.ولفت التقرير إلى ارتفاع حاد في نسبة البطالة بين الشباب خاصة في البلدان منخفضة الدخل حيث ارتفعت معدلات بطالة الشباب خلال العام الماضي بنحو أربع نقاط مئوية فوق المتوسط التاريخي ما قبل جائحة (كورونا) لتسجل نسبة 6ر12 في المئة موضحا أن العمل غير الرسمي والفقر المتصل بالعمل الهش عادا إلى مستوياتهما ما قبل الجائحة ما يضيف تحديات إضافية خاصة في الدول ذات الدخل المنخفض.وأكد التقرير ان فئة الشباب في الدول ذات الدخل المنخفض هي الأكثر تضررا إذ ارتفع عدد العاطلين عن العمل منهم وغير المسجلين في أي مجال آخر مثل التعليم أو التدريب في البلدان منخفضة الدخل خلال سنة 2024 إلى مستويات مقلقة حيث بلغ 8ر15 مليون شخص أي بنسبة تعادل 4ر20 في المئة بين الذكور (بزيادة تقدر بحوالي 500 ألف شخص مقارنة بسنة 2023) و2ر28 مليون بنسبة تعادل 37 في المئة بين الإناث (بزيادة تقدر بحوالي 700 ألف مقارنة بسنة 2023).وعلى الصعيد العالمي ذكر التقرير أن معدل البطالة العالمي استقر عند 5 في المئة في عام 2024 مقابل ارتفاعه لدى فئة الشباب حيث وصل عدد العاطلين عن العمل إلى 8ر85 مليون شخص بين الذكور و3ر173 مليون امرأة بين الإناث ما يعكس الفجوة الحاصلة بين الجنسين خاصة مع استمرار التحديات في خلق فرص عمل لائق.وأفاد التقرير بأن الفجوة العالمية في الوظائف والتي تمثل العدد التقديري للأشخاص الذين يرغبون في العمل ولكنهم لا يجدون وظائف بلغت 402 مليون شخص عام 2024 منها 186 مليون عاطل عن العمل و137 مليونا غير قادرين على العمل مؤقتا و79 مليون عامل توقف عن البحث عن وظائف لصعوبة إيجاده. وأضاف أن هذه الفجوة بدأت تتقلص تدريجيا منذ جائحة (كورونا) إلا أنها من المتوقع أن تستقر في العامين المقبلين في نفس المعدل المرتفع.في المقابل أشار التقرير إلى وجود فرص كبيرة في مجالات الطاقة المتجددة والتقنيات الرقمية حيث بلغ عدد الوظائف في الطاقة المتجددة 2ر16 مليون وظيفة عالميا تركز نصفها في شرق آسيا موضحا أن العديد من الدول ما زالت تفتقر إلى المهارات والبنية التحتية اللازمة للاستفادة من هذه الفرص.وفي هذا السياق شدد هونغبو على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأزمات ومواجهة التحديات وضمان مستقبل أكثر عدلا واستدامة قائلا إن العمل اللائق والعمالة المنتجة هما المفتاح لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.وقدم تقرير منظمة العمل الدولية مجموعة من التوصيات لمعالجة التحديات الراهنة التي تواجه سوق العمل العالمي أبرزها زيادة الإنتاجية من خلال الاستثمار في التعليم والتدريب المهني وتطوير البنية التحتية لدعم النمو الاقتصادي. كما أكد أهمية توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لضمان ظروف عمل آمنة والحد من التفاوت الاجتماعي مشددا على ضرورة استخدام التمويل الخاص بفعالية خاصة في الدول منخفضة الدخل لدعم التنمية المحلية وتعزيز فرص العمل اللائق.