حذرت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) اليوم الأربعاء من تفكك النظام العالمي في ظل تحديات جيوسياسية متفاقمة من أبرزها الحروب في فلسطين وأوكرانيا وميانمار وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط وتزايد تنافس القوى الكبرى على المنطقة إلى جانب تداعيات النزاعات العالمية على الأسواق وسلاسل الإمداد والأمن الغذائي.جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية (آسيان) ال58 المنعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور حيث ألقى رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم خطابا سياسيا شاملا تناول فيه القضايا الإنسانية والجيوسياسية والاقتصادية داعيا إلى موقف موحد في مواجهة الانهيار الأخلاقي للنظام الدولي.وقال إبراهيم الذي يترأس رابطة (آسيان) هذا العام إن "النظام العالمي يتفكك والصراع والإكراه وانعدام الثقة باتت تهيمن على العديد من العلاقات الدولية.. وإن ملايين الأرواح تزهق نتيجة لذلك" مشيرا إلى أن أبرز مثال على هذا التدهور هو الوضع في غزة حيث "نشهد معاناة متواصلة لشعب بأكمله حرم من الكرامة والعدالة عبر أجيال".وشدد على أن (آسيان) يجب أن تكون في صف المدافعين عن القواعد الدولية لا من يتراجع عنها موضحا أن واقعية السياسة الخارجية يجب ألا تتناقض مع القيم بل أن تتكامل معها قائلا "الواقعية والقيم ليستا قوتين متضادتين نحن بحاجة إلى كليهما".وفي الجانب الاقتصادي لفت إلى أن العالم يواجه تحولات خطيرة في أنماط التجارة والاستثمار إذ تحولت الرسوم الجمركية وقيود التصدير وحواجز الاستثمار إلى أدوات تنافس جيوسياسي واصفا هذه المرحلة بأنها "ليست عاصفة عابرة بل المناخ الجديد لعصرنا".ودعا إلى التنسيق بين السياسات الخارجية والاقتصادية داخل (آسيان) عبر مواءمة الوزارات والمؤسسات والقرارات بما يتوافق مع (رؤية آسيان 2045) التي تدعو إلى مزيد من التآزر عبر الركائز والقطاعات.وأكد رئيس الوزراء الماليزي أهمية أن تبقى الرؤية الاستراتيجية لرابطة (آسيان) قائمة على مركزية القرار الآسيوي ورفض الانقسام إلى مناطق نفوذ ترسم خارج حدود دول الرابطة مشددا على أن "(آسيان) لن تكون ممثلة في غيابها" في إشارة إلى ضرورة الاستقلال الاستراتيجي.ودعا إلى تعزيز التجارة البينية والاستثمارات المتبادلة ودفع التكامل القطاعي في الاقتصاد والتعليم والصحة والتحول الرقمي والتكيف المناخي موضحا أن "بناء اقتصاد (آسيان) أقوى وأكثر ترابطا هو ضرورة استراتيجية لترسيخ الصمود لعقود قادمة".ومن جانبه أكد وزير الخارجية الماليزي محمد حسن في كلمته التزام بلاده الثابت تجاه فلسطين مشيرا في هذا الإطار إلى أن جدول أعمال الاجتماع الوزاري الجاري يتضمن اجتماع الدورة الرابعة لمؤتمر التعاون بين دول شرق آسيا من أجل تنمية فلسطين بمشاركة دول (آسيان) وشركاء الحوار الدوليين تأكيدا على تضامن الرابطة العميق مع الشعب الفلسطيني.وأوضح حسن أن الحمائية التجارية والتوترات الجيوسياسية تهددان الاقتصاد العالمي خاصة لدى دول الجنوب العالمي قائلا إن "الحروب والصراعات البعيدة تؤثر على أسواقنا وسلاسل التوريد وأمننا الغذائي" داعيا إلى تعزيز التكامل والتنويع الاقتصادي لمواجهة هذه التحديات.وذكر أن رئاسة ماليزيا ل(آسيان) هذا العام تسترشد بمبدأي الشمولية والاستدامة مشيرا إلى توقيع قادة الرابطة أخيرا (إعلان كوالالمبور بشأن آسيان 2045: مستقبلنا المشترك) الذي يهدف إلى بناء مجتمع مرن ومبتكر ومتمحور حول الإنسان.وأسست رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) عام 1967 وتضم عشر دول أعضاء هي ماليزيا وإندونيسيا وتايلند والفلبين وسنغافورة وبروناي وفيتنام ولاوس وميانمار وكمبوديا فيما تستعد لضم تيمور الشرقية في أكتوبر المقبل بصفتها الدولة ال11 في الرابطة.