تدفع شركات التكنولوجيا الكبرى اليوم مبالغ خيالية لاستقطاب ألمع العقول في مجال الذكاء الاصطناعي. فقد أعلنت شركة ميتا مؤخرًا عن عرض بقيمة 250 مليون دولار للباحث الشاب مات دايتكي، موزعة على أربع سنوات، أي ما يعادل 62.5 مليون دولار سنويًا، مع احتمال أن يحصل على 100 مليون في السنة الأولى وحدها.
يتجاوز هذا العرض كل ما سُجل سابقًا من تعويضات علمية في التاريخ، متفوقًا على أجور العلماء الذين شاركوا في مشاريع حاسمة مثل تطوير القنبلة الذرية أو الهبوط على سطح القمر.
من هو مات دايتكي ولماذا يثير هذا الرقم الدهشة؟
قاد دايتكي تطوير نظام ذكاء اصطناعي متعدد الوسائط يُعرف باسم مولمو خلال عمله في معهد آلن للذكاء الاصطناعي، كما شارك في تأسيس شركة ناشئة تدعى فيرسبت. وتكمن خبرته في بناء أنظمة تجمع بين الصور والأصوات والنصوص، وهي بالضبط المهارات التي تتسابق ميتا على امتلاكها لتطوير تقنيات الذكاء الخارق.
لا يعد دايتكي حالة استثنائية، فقد أفادت تقارير أن مارك زوكربيرغ عرض على باحث آخر في الذكاء الاصطناعي صفقة قد تصل إلى مليار دولار. تعكس هذه الأرقام إيمان الشركات بأن الفائز في سباق الذكاء الاصطناعي قد يسيطر على أسواق بمليارات الدولارات.
مقارنة تاريخية تُظهر حجم الفجوة
بلغ راتب روبرت أوبنهايمر، قائد مشروع مانهاتن، 10 آلاف دولار سنويًا عام 1943، وهو ما يعادل حوالي 190 ألف دولار بقيمة اليوم. أما دايتكي، البالغ من العمر 24 عامًا والذي انسحب من برنامج الدكتوراه مؤخرًا، فسيتقاضى 327 ضعف هذا الرقم.
حتى الرياضيين البارزين يصعب عليهم مجاراة هذه الأرقام. فعقد ستيف كاري الأخير مع فريق غولدن ستيت ووريرز كان أقل بـ35 مليون دولار من صفقة دايتكي، بينما يبلغ راتب كريستيانو رونالدو السنوي 275 مليون دولار فقط، وهو الأعلى بين الرياضيين.
رواتب العلماء والمهندسين سابقًا كانت متواضعة خلال الخمسينيات والستينيات، عمل علماء كبار مثل كلود شانون في مختبرات بيل برواتب عادية. وكان المدير في المختبر يتقاضى فقط 12 ضعف راتب الموظف الأدنى.